“لا ماء، لا دواء، لا أمل”: غزة تختنق تحت الحصار… والغضب الشعبي يتجه نحو حماس

كتبت يارا المصري
تقف غزة على حافة الانهيار الكامل، بعد شهور من الحرب مع استمرار إغلاق المعابر، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وغياب أي أفق سياسي، تتزايد مشاعر الإحباط داخل الشارع الغزي. في ظل ذلك، تتجه سهام النقد شيئاً فشيئاً نحو القيادة في القطاع – حركة حماس.
تشهد غزة هذه الأيام حصارًا خانقًا، حيث توقفت إمدادات الماء والغذاء والدواء بشكل شبه تام. الكارثة الإنسانية تتوسع، والنداءات الدولية لا تلقى استجابة سريعة. المياه النظيفة نادرة، والمواد الغذائية الأساسية شبه مفقودة، والصيدليات فارغة، والمستشفيات على وشك الانهيار الكامل.
كان شهر رمضان الماضي يحمل في طياته آمالاً بوقف إطلاق نار يمنح السكان فترة راحة إنسانية، ولكن هذه الآمال تبخرت مع استمرار الحرب. مرّ عيد الفطر دون فرحة، بل غلبت عليه مشاعر الخيبة والتعب، وسط الدمار والحصار ونفاد أبسط مقومات الحياة. “قالوا لنا اصبروا، فالصمود سيجلب الهدنة”، تقول أم ياسر من بيت لاهيا، “لكن الهدنة لم تأتِ، والمساعدات لم تدخل، وأطفالنا ينامون جوعى وخائفين. كم من الوقت سنصمد بعد؟”.
المستشفيات في غزة وصلت إلى حالة موت سريري. غرف العمليات مغلقة، وأقسام العناية المركزة لا تملك أي معدات فعالة، والكوادر الطبية مرهقة وتعاني من نقص تام في الأدوات والأدوية. حتى المسكنات البسيطة لم تعد متوفرة. منظمات إنسانية دولية حذّرت من انهيار كلي للنظام الصحي إذا لم تدخل الإمدادات فورًا، خاصة مع ازدياد عدد الجرحى نتيجة استمرار القصف الإسرائيلي في جنوب القطاع، لا سيما في منطقة رفح.
في بداية الحرب، وجّهت الجماهير غضبها نحو إسرائيل والمجتمع الدولي. لكن مع مرور الوقت، بدأ هذا الغضب يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى الداخل – نحو قيادة حماس. في الأيام الأخيرة، تسربت معلومات عن عرضٍ لوقف إطلاق نار مؤقت مقابل إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين. لكن حماس، بحسب مصادر متعددة، رفضت العرض. الشارع الغزي رأى في هذا الرفض استمرارًا للمعاناة دون مقابل ملموس.
كتب أحد سكان غزة على مواقع التواصل: “الأسرى أصبحوا أوراق تفاوض، لكن ماذا عن أطفالنا؟ ماذا عن أمهاتنا؟ ماذا عن كبار السن الذين يموتون جوعًا ومرضًا؟”.
تواجه حماس لحظة مفصلية: إما أن تستمر في سياسة التعنت والحسابات الاستراتيجية، أو أن تستجيب لصوت الناس الذين يطالبون بوقف فوري للحرب. مع نفاد الموارد، وتفاقم المعاناة، وانعدام الأمل، يقترب الشارع من نقطة الانفجار. “الغضب في طريقه إليكم”، قال أحد قياديي فتح في الضفة الغربية. “إذا لم تتصرف حماس الآن من أجل مصلحة الشعب، فإن الشعب نفسه سيكون من يجبرها على التحرك – ليس إسرائيل، ولا أمريكا، بل الجوع والقهر واليأس.”.