منوعات
أخر الأخبار

جريمة مقتل روبرت تشارلز – “الهدوء الذي سبق العاصفة”

كتبت / رنيم علاء نور الدين 

في صيف 1999، كانت أحياء مدينة نيو أورلينز تستعد لاحتفالات عيد الاستقلال، والكل منشغل بالألعاب النارية ومظاهر البهجة. لكن في أحد الأحياء القديمة، حيث تصدح موسيقى الجاز من النوافذ المتهالكة، كانت هناك شرارة صغيرة ستشعل واحدة من أكثر الحوادث دموية في تاريخ المدينة.

روبرت تشارلز، شاب أمريكي من أصل أفريقي، يبلغ من العمر 35 عامًا، كان يعيش حياة متواضعة. لم يكن مجرمًا بالمعنى التقليدي، لكنه حمل دومًا شعورًا بالاضطهاد والظلم العنصري. في مساء يوم 23 يوليو، وبينما كان يجلس مع صديقته على الرصيف، اقتربت منهما دورية شرطة. طلب منه الضباط الهوية، لكن الحديث تحول بسرعة إلى مشادة كلامية، ثم إلى اشتباك.

روبرت، الذي كان يحمل سلاحًا في جيبه، أطلق النار على الضباط، فأصاب اثنين وفرّ هاربًا.

في الساعات التالية، بدأت واحدة من أوسع عمليات المطاردة في تاريخ نيو أورلينز. الصحف وصفت روبرت بـ”الخطر المجهول”، وتم إعلان حالة الطوارئ في بعض الأحياء. لكن روبرت لم يختبئ، بل عاد ليطلق النار مجددًا على دورية أخرى، وقتل ضابطًا في الموقع.

مع كل محاولة للقبض عليه، كان ينجو بطريقة غريبة، وكأنه يعرف الأزقة أفضل من رجال الشرطة أنفسهم. المدينة كانت مذعورة، والشرطة متوترة، والناس منقسمة: البعض رأى فيه مجرمًا، والبعض الآخر رأى فيه رمزًا للمقاومة السوداء.

في اليوم الثالث، تحصن روبرت داخل أحد المنازل، وبدأ إطلاق نار مكثف على قوات الشرطة. استمرت المعركة لساعات، حتى قُتل في تبادل إطلاق نار دموي.

لكن ما جعل القضية مأساوية بحق لم يكن موت روبرت وحده، بل موجة العنف العنصري التي تلته. الغوغاء اجتاحوا أحياء السود، وأحرقوا منازل، وقتلوا أبرياء لا علاقة لهم بروبرت، فيما اعتبره البعض “انتقامًا”، واعتبره آخرون إبادة.

في النهاية، بقيت القصة مثالًا صارخًا على الفوضى الناتجة عن التوتر العرقي، والخلل في التعامل الأمني. روبرت لم يكن بريئًا، لكنه أيضًا لم يكن وحده في دائرة العنف.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى