
كتبت / رنيم علاء نور الدين
في جزيرة صغيرة نائية، تقع في أقصى شمال المحيط الأطلسي، كان هناك قرية يُقال عنها “قرية الأموات”. تُعرف الجزيرة رسميًا باسم “جزيرة الفيران”، وهي ليست مأهولة بالسكان، ولكنها كانت في يوم من الأيام مكانًا صالحًا للعيش. كانت محاطة بأسطورة مرعبة تجذب الفضوليين في كل مرة يُذكر اسمها.
في منتصف القرن التاسع عشر، كانت هناك مجموعة من البحارة الأوروبيين الذين قرروا أن يغامروا في رحلة طويلة نحو هذه الجزيرة المجهولة. كان يقودهم قائد يُدعى “ألكسندر نوردستروم”، رجل مغامر ذو شهرة واسعة في العالم البحري. ولكن لم يكن أحد يعلم أن هذه الرحلة ستكون النهاية.
قبل الرحلة، بدأت إشاعات تتداول في الموانئ عن جزيرة الفيران، وأن هناك شيئًا غريبًا يحدث هناك. كانت تقول بعض القصص أن الأشخاص الذين يقيمون على الجزيرة يختفون بشكل غامض بعد فترة قصيرة من وصولهم. كما كانت تشير بعض الأقوال إلى أن هناك نوعًا من الطاعون الغريب الذي يصيب الجميع. لكن ألكسندر لم يأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد.
وصلت السفينة إلى الجزيرة بعد عدة أيام في البحر. كانت الجزيرة تبدو جميلة، مغطاة بالغابات الكثيفة والتضاريس الوعرة. لكن هناك كان شيء غريب في الأجواء. كانت الرياح هادئة بشكل غير طبيعي، وأشعة الشمس كانت تفتقد لدفئها المعتاد، كأنها تخشى الاقتراب من هذه الأرض الملعونة.
فور وصولهم إلى الشاطئ، لاحظوا أن الجزيرة خالية تمامًا من البشر، ولكن هناك بقايا من أكواخ مهدمّة وأدوات قديمة متناثرة. قرروا أن يلتقطوا بعض المواد ويبدأوا في التخييم، لكن مع مرور الوقت، بدأوا يسمعون أصواتًا غير طبيعية تأتي من داخل الغابات. كان هناك أصوات خشخشة، ثم أصوات خطوات. لكن عند الذهاب لاستكشاف مصدر الأصوات، لم يجدوا شيئًا.
في اليوم الثالث من بقائهم، اختفى أحد البحارة فجأة. اسمه “إريك”، وهو شاب في العشرينات من عمره. بحثوا عنه لساعات ولكن لم يجدوا له أثرًا، ولا حتى بصمة قد تدل على مكانه. كانت الرياح تعصف بالأشجار، وكأنها كانت تُحذرهم. بدأ القلق يتسرب إلى قلب ألكسندر.
في اليوم التالي، تم العثور على جثة إريك على بُعد مسافة قليلة من المعسكر. لكن الجثة كانت مختلفة. كانت عينيه مفتوحتين على اتساعهما، وكانت تظهر على جسده علامات من تحلل غريب، كما لو أنه كان ميتًا لعدة أسابيع وليس يومين. ما كان أكثر رعبًا هو أن وجهه كان مشوهًا، وكأن أحدهم قد سحب منه روحه.
قررت المجموعة أن يعودوا إلى السفينة، ولكن البحر كان قد تغيّر فجأة. الأمواج ارتفعت بشكل غير طبيعي، والرياح أصبحت أكثر عنفًا. اختفت السفينة تمامًا في المياه العميقة، وكأنها ابتلعتها مياه المحيط.
بدأت المجموعة تدرك أنهم كانوا محاصرين في الجزيرة، وأنهم لا يستطيعون الهروب. بدأ الموت يتسلل إلى داخلهم واحدًا تلو الآخر. كانت أجسادهم تبدأ في التحلل بشكل سريع، وأحيانًا كانوا يسمعون أصواتًا تأتي من داخل الأرض، وكأن الأرض نفسها كانت تمتصهم.
في اليوم الأخير، قبل أن يغشي عليهم جميعًا، سجل ألكسندر في مذكراته: “لقد عرفنا الآن أن الجزيرة هذه ليست مجرد مكان. هي لعنة. كل من يضع قدمه هنا سيصبح جزءًا منها. أنا لا أريد أن أكون واحدًا منهم، لكني أعرف الآن أنني لن أخرج من هنا أبدًا”.
بعد سنوات من اختفاء البحارة، تم اكتشاف مذكرات ألكسندر في قاع البحر، بالقرب من جزيرة الفيران. ولكن لم يجرؤ أحد على العودة إلى الجزيرة. هناك من يقول أن الجزيرة لا تزال تحتفظ بأرواح أولئك الذين دخلوها. وأنها تستمر في ابتلاع كل من يقترب منها.
اليوم، تُعتبر جزيرة الفيران واحدة من أكثر الأماكن خطورة في العالم، وإن كان معظم الناس يعتقدون أن أسطورة الجزيرة مجرد خرافة. لكن هناك من يذهبون إلى تلك المنطقة فقط لكي يروا بأنفسهم… هل ستجد جزيرة الفيران ضحايا جدد؟ أم ستظل لعنة لا تُحكى إلا في الظلام؟